--------------------------------------------------------------------------------
الحُـب في الإسـلام
ما معلوماتك عن الإسلام؟
الويكبيديا تعرفه بأنه: الانقياد التام للخالق بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله. فهو تسليم كامل من الإنسان لله تعالى في كل شئون حياته
ونحن كلنا نعرف وتربينا وكبرنا على أن الإسلام يضم بين دفتيه كل معاني الدنيا الراقية والسامية من إخلاص وتسامح وتقارب وألفة وسكن ومودة و.. حب
إذن الإسلام قائم على الحب ويدعو إلى الحب
*******
لكن أي حب هذا؟
علماء الدين يقسمون الحب في الإسلام إلى أكثر من نوع
أولها وأعظما بالطبع هو "الحب الإلهي" وهو بدوره ينقسم إلى نوعين
الأول هو محبه الله تعالى لعباده من خلال نعمه عليهم وإكرامه لهم وتوفيقه إياهم في أعمال الخير والصلاح لهم ولدينهم ولوطنهم
والثاني فيتمثل في محبة العباد لله سبحانه وتعالى والتقرب إليه والولاء لدينه والمحافظة على شرعه والتدبر في خلقه وصنعه وتنفيذ ما أمرنا به من فعل للعمل الطيب وابتعادا عن العمل الشرير
أما النوع الثالث من الحب في الإسلام فهو "حب النبي" عليه الصلاة والسلام، وذلك يتأتى بأن تقتدي بشخصه الكريم في كل أفعالك وتصرفاتك وأن تسير على نهجه وتتبع سيرته وسنته مخلصا ومحبا
والحب الرابع في الإسلام هو "الحب في الله" وهو الذي يحدث بين ناس لا تجمعهم مصلحة فيتبادلون النصح والمحبة والإخلاص لوجه الله تعالى دون انتظار أي مكافأة دنيوية لأفعالهم سوى أن يبادلهم الآخرون هذا الحب الخالص لوجه الله تعالى
وهذا النوع الأخير من الحب يحدث بين الرجال وبعضهم البعض وبين النساء وبعضهن البعض ويحدث أيضا بين الرجال والنساء معا.. هذا هو الحب الذي يجمع بين قلبين فيقرب ما بينهما ويمتزجان معا وكأن كل واحد منهما هو نصف متمم ومكمل للآخر.. ليكون السؤال هل هذا الحب الذي يجمع ما بين شاب وفتاة هو حب يتفق مع الإسلام؟
الإجابة المنطقية والفورية وربما الصادمة: طبعا.. أكيد
*******
الحب.. أساس الوجود
مندهش وغير مصدق لما نقول؟
اقرأ ما كتبه د.محمد المسير أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر في كتابه "الحب والجمال والإسلام" فهو يصف الحب الذي يجمع بين الرجل والمرأة بأنه "الحب الذي بدأت به الحياة البشرية مضيفا أنه هو أساس الوجود وذلك استنادا لأن الله عز وجل قد خلق "آدم وحواء" وأسكنهما الجنة ثم أهبطهما الأرض لتنتشر الذرية من بعد ذلك
تريد دليلا آخر.. إليك الحديث النبوي الشريف الذي روي فيه عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قوله: حُبِّبَ إليّ النساء، والطيب وجُعِلتْ قرةُّ عيني في الصلاة
لاحظ هنا أنه "حب النساء" الطاهر الشريف جاء في مقدمة الحديث ليؤكد لنا رسولنا الكريم أن الشعور بالميل والانجذاب نحو النساء وبالعكس هو أمر فطري وطبيعي يؤيده الإسلام ورسوله شريطة أن يكون في الإطار الشرعي لذلك، وهو الزواج بطبيعة الحال
وعلماء الدين استقروا على قاعدة فقهية مهمة وهو أنه لا حكم شرعي فيما استقر في القلب وإنما الحكم يتعلق بآثار ذلك الشعور وما يترتب عليه من حلال وحرام.. هو ذات القاعدة المطبقة تماما على الحب بين الرجل والمرأة
فالحب -بمعنى ما استقر في القلب من شعور معين نحو فتاة أو شاب- لا يتعلق به حكم شرعي لأنه مكنون في صدر الشخص، وإنما ما يتعلق به الحكم هو نتيجة هذا الحب الساكن في الفؤاد فلو أخذت هذه المشاعر طريقها السوي الصحيح فنمت وكبرت في إطار شرعي علني يحيط به الأهل ويتوج في النهاية بالزواج فهذا أمر لا غبار عليه ولا يستطيع أحد أن يصفه بالحب الحرام
فالله قد رفع الحرج عن عباده فيما هو بداخل النفس، بشرط ألاّ يؤدي إلى معصية، وهو ما يعني أن شعور الحب الذي يهاجم أي واحد منا لا شبهة حرام فيه مطلقا بشرط أن يتبع هذا استكماله بالزواج أما إذا أخذ طرقا أخرى غير ذلك -وهي لا تغيب عن الكثيرين- فلا يمكننا أن نصفه بالحب أصلا
*******
حب الرسول.. وحب أبي بكر
كتب السيرة والصحابة والتابعين فيها من الروايات والقصص التي تؤكد أن الإسلام يراعي ويحافظ على الحب بين الرجل والمرأة، بل ويعظم كثيرا هذه المشاعر النقية الخالصة وهي في صورتها الأصلية الخالية من أي تلوث قد يضيقه عليها البشر بأفعالهم وسلوكياتهم
ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فبرغم كل أعبائه ورغم تحمله لرسالة سماوية جليلة فإنه لم يجد حرجا في أن يلاطف زوجته السيدة عائشة بل كان يضحك معها ويتودد إليها ولم يجد حرجا عندما سُئل عليه الصلاة والسلام: من أحبّ الناس إليك؟ في أن يقول: عائشة
قيل: فمن الرجال؟ قال: أبوها
وهناك رواية جاءت في الصحيحين "البخاري ومسلم" ورغم ذلك لا يعرفها كثيرون وهي تؤكد رعاية الإسلام ورسوله الكريم واحترامها لمشاعر الحب.. والرواية تقول بأن "خنساء بنت خدام" زوَّجها أبوها رجلا فكرهت ذلك وجاءت إلى النبي عليه الصلاة والسلام لتقول له: إن أبي أنكحني أي زوّجني وإنّ عم ولدي أحن إليّ
أي أنها ترى أن أخا زوجها سيكون أحنّ عليها وعلى أولادها.. ولربما كانت تحمل نحوه مشاعر طيبة إلا أن حياءها منعها من أن تبوح بذلك للرسول الكريم بشكل مباشر
ترى ماذا كان حكم الرسول العطوف عليه الصلاة والسلام؟
حَكم الرسول الكريم بألاّ تتزوج الرجل الذي اختاره أبوها لها وأن تطلق منه، ولا يرد بعد ذلك توضيح ما إذا كانت تزوجت ذات السيدة من أخي زوجها أم لا، لكن الشاهد والمؤكد في هذه الرواية أنه لا إجبار في الزواج... ولا زواج دون حب وألفة.. وهو ما يؤكد أن الحب في الإسلام مباح.. بل لعلنا لا نغالي إذا قلنا بأنه ضروري ومهم
*******
وإذا كان لنا المثال والقدوة في رسولنا الكريم فلا نجد من بعده خيرا من أبي بكر رضي الله عنه مثالا ونموذجا نتبع خطاه.. الحب ورقة المشاعر المتبادلة بين الرجل والمرأة كانت حاضرة أيضا وبقوة في هذه القصة
كان أبو بكر رضي الله عنه يمشي في أحد طرق المدينة وسمع امرأة تنشد وهي تطحن بالرحى قائلة
وهويته من قبل قطع تمائمي
متمايساً مثل القضيب الناعم
وكأن نور البدر سُنَّة وجهه
ينمي ويصعد في ذؤابة هاشم
كانت تغني بألم وحرقة ويعلو صوتها بالبكاء.. رقّ لها قلب خليفة المسلمين أبي بكر الصديق فدقّ عليها الباب.. ولما خرجت إليه قال لها: أحرة أنت أم مملوكة؟
فقالت: بل مملوكة يا خليفة رسول الله
سألها عمن تغني وتنشد له: من هويت؟
فبكت ثم قالت: بحق الله عليك اتركني وشأني.. لكن أبا بكر -رضي الله عنه- ألح في طلبه وقال لها إنه لن يترك المكان حتى تخبره: لا أريم أو تعلميني
فقالت
وأنا التي لعب الغرام بقلبها
فبكت لحب محمد بن القاسم
فلما علم منها أبو بكر الصديق اسم الشخص الذي تهيم به ذهب إلى المسجد وبعث إلى مولاها فاشتراها منه ليعتقها.. ثم بعث إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب وقال: هؤلاء فِتَنُ الرجال.. وكم مات بهن من كريم، وعطب عليهن من سليم
أرأيت؟
المرأة باحت بحبها ولم تخجل منه وإن فعلت ذلك في إطار خلوق ومهذب ويتماشى مع المسموح به في صدر الإسلام
وماذا فعل "أبو بكر"؟
لم ينهرها أو يعنفها وإنما تقبل مشاعرها الرقيقة هذه وسعى -بعد أن عتقها- إلى أن يزوجها بمن تحب ويحبها
هذا هو الإسلام.. وهذا هو الحب الذي يعيش في ظلاله.. فمن يستطيع أن يفعل مثل هذا
ود الشششششششششششطة